[center]
لا مهديَ منتظر!!
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسوله الذي اصطفى وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد
فإن مما أجمع عليه المسلمون أن الله تعالى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق وأكمل له ولأمته الدين وأتم عليهم النعمة ولا يشك في ذلك إلا مرتاب لا حظ له في الإسلام ولا خلاق له في الآخرة.
ولقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم علينا الحجة، وبين لنا المحجة وتركنا على البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وأوصانا بكتاب الله وسنته وأمرنا بالتمسك بهما ولن نضل بعدهما أبداً، وخلف بعده ورثة وهم العلماء العاملون، الذين أخذوا عنه العلم وبلغوه ودعوا الناس إليه.
روى أبو داود في سننه [4291] من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها» وأخرجه البيهقي في معرفة السنن والآثار ص.52
ومعنى التجديد إحياء ما درس من دين الإسلام وما غفل عنه الناس ونسوه، ليس المراد ابتداع بدع ومحدثات والعبث في الدين، هذه عقيدتنا، عقيدة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، دين الإسلام كامل وتام لا ننتظر أحدا يزيد فيه شيئا أو ينقص منه.
أما « المهدي» فهو حق، رجل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ومن آل بيته واسمه محمد بن عبد الله، يخرج آخر الزمان ويصلح الله به ما شاء من أحوال الأمة، يملأ الأرض عدلا وقسطا.
قد ثبتت عنه أحاديث كثيرة بلغت حد التواتر تدل على خروجه آخر الزمان وأنه من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم يواطئ اسمه اسم النبي صلى الله عليه وسلم، واسم أبيه اسم أبي النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه يملك سبع سنين ويملأ الأرض عدلا وأن عيسى بن مريم ـ عليه السلام ـ يخرج فيساعده على قتل الدجال وأنه يؤم هذه الأمة ويصلى عيسى ـ عليه السلام ـ خلفه.
ووردت أثار كثيرة أيضا عن الصحابةـ رضي الله عنهم ـ مصرحة بـ «المهدي» لها حكم الرفع، إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك.
فوجب اعتقاد ما دلت عليه الأحاديث والآثار الصحيحة من خروج « المهدي»، فلا تكاد تجد كتابا صنف في عقيدة أهل السنة والجماعة إلا وقرر ودوّن «المهدي» في عقائد أهل السنة والجماعة فلا يسوغ العدول عنه ولا الالتفات إلى غيره، ولا معنى لإنكاره وإنكار أحاديثه.
ذكر الشيخ حمود بن عبد الله التويجري ـ رحمه الله تعالى ـ في « المهدي» أحاديث صحيحة وحسنة في كتابه إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعةـ 2/270 باب «ما جاء في المهدي» منها حديث ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا تنقضي الأيام ولا يذهب الدهر حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي» رواه أحمد وأبو داود والترمذي بأسانيد صحيحة،
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح،
قال: «وفي الباب عن علي وابن سعيد وأم سلمة وأبي هريرة رضي الله عنهم»،
وفي رواية للترمذي عن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي».
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ « لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً».
وفي مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم أحاديث فيها الإشارة إلى «المهدي» عن أمهات المؤمنين عائشة وأم سلمة وحفصةـ رضي الله عنهن.
أخي القارئ العزيز وللمزيد من معرفة ما يتعلق بالمهدي راجع الكتاب المذكور من صفحة 270ـ310 من المجلد الثاني فإنه نافع.
وما نقلته لك إنما هي بعض الأحاديث التي ثبتت في «المهدي» وهناك أحاديث وآثار كثيرة.
أيها القارئ الكريم أريد أن أقف معك سبع وقفات مهمة في شأن المهدي.
الوقفة الأولى: أن تعرف حقيقة «المهدي» وصفاته حتى لا يلتبس عليك أمره مع غيره ممن قد يدعي «المهدوية» وهم كثيرون، خرج منهم من خرج والله أعلم كم سيدعي هذه الدعوة.
الوقفة الثانية: أن خروجه يكون آخر الزمان ومن علامات يوم القيامة حتى أن العلماء يذكرون أحاديثه في أبواب أشراط الساعة.
الوقفة الثالثة: أن المسلمين لا ينتظرون خروجه ولا يعلقون الآمال على خروجه بل الله تعالى يصلحه ويظهره إذ شاء آخر الزمان.
الوقفة الرابعة: أن دين الإسلام كامل والقرآن محفوظ في الصدور والسطور وسنة النبي صلى الله عليه وسلم باقية ومحفوظة بحفظ الله تعالى لها.
الوقفة الخامسة: أن كل ما خالف أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كذب وباطل لا يجوز تصديقه ولا الإيمان به.
الوقفة السادسة: أن أبا بكر وعمر وعثمان ـ رضي الله عنهم ـ أجمعين أفضل من «المهدي»، لما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث ابن عمرـ رضي الله عنه ـ قال كنا نخير بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فنخير أبا بكر ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم، وفي لفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم يسمعهم ولا ينكره.
الوقفة السابعة: أن «المهدي» لا يسمى «منتظرا» بل تسميته بالمنتظر لم تثبت في حديث قط، في تسمية ما أنزل الله بها من سلطان.
هذه عقيدتنا عقيدة أهل السنة والجماعة، وهذا ديننا الذي آمنا به، وندعو إليه كل إنس وجان بأن يعتقد عقيدة الكتاب والسنة.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه،
والحمد لله أولا وآخر وصلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.
فضيلة الشيخ / سالم بن سعد الطويل